قصة شجرة الميلاد المحنية

قصة شجرة الميلاد المحنية

كنت أفكر في الإنسان المسيحي الحقيقي أنه يحمل طبيعة الحب، إن عُصِر يُخرج حبًا. لأنه ابن الله الذي هو "الحب ذاته"، من يلتصق به يحمل شركه سماته، خاصة سمة الحب. في هاليفاكس روى أبونا الحبيب القس ميخائيل فام قصة قصيرة قرأها مع ابنته الصغيرة شدت أعماقي.

قيل إنه في حقل غٌرست فيه أشجار الكريسماس، جاءت حمامة تسأل الأشجار شجرة فشجرة إن كانت تستضيفها لكي تقيم عشًا بين أغصانها لتبيض وتحتضن بيضها. وكانت بعض الأشجار تعتذر بأنها مغروسة حديثًا وتريد أن تنمو سريعًا، فلا تريد أن يُقام بين أغصانها عش يدوم فترة طويلة يمثل ثقلًا على الأغصان الحديثة والعاجزة عن احتمالها. والبعض اعتذر بأن وجود العش يفسد منظرها ويفقدها جمالها، فلا يقتنيها أحد ويزينها بالأنوار وبعض أنواع الزينة الثمينة في عيد الميلاد المجيد.

بين كل الأشجار وُجدت شجرة واحدة صغيرة نادت الحمامة وسألتها عن طلبها ورحبت بها. فرحت الحمامة بالشجرة المُحبة لإضافة الغرباء، والتي لا تطلب ما لنفسها بل ما هو للآخرين.

سألتها الحمامة: "وما هي طلبتك مقابل هذه الضيافة الكريمة؟"

أجابت الشجرة: "وجودك بين أغصاني هو أجرتي. فإنك إذ تجدين دفئًا وتحتضنين البيض ليفقس حمامًا صغيرًا، هذا يفرحني تمامًا! أرجو أن تقبلي هذه الدعوة، فإنني أجد راحتي في راحة الآخرين".

بفرحٍ شديدٍ قبلت الحمامة الدعوة، وبدأت تجمع القش وتقيم عشها بين أغصان شجرة عيد الميلاد الحديثة.

جاء الشتاء قارصًا جدًا، فأحنت الشجرة الجزء العلوي في حنو نحو العش لتحمي الحمامة وبيضها من موجة البرد القارص. وبقيت الشجرة تنحني بكل طاقتها وتلتف حول العش حتى فقس البيض وكبر الحمام الصغير وطار.

حاولت الشجرة أن ترفع الجزء العلوي منها لتكون مستقيمة، لكن بعد هذه الفترة الطويلة لم يكن ممكنًا أن تفعل ذلك، بل بقيت منحنية.

حلّ فصل ما قبل عيد الميلاد، وجاء التجار يقطعون أشجار الكريسماس ليبيعونها، ليزينها المسيحيون في استقبالهم لعيد الميلاد المجيد. وكان كل تاجر يعبر بالشجرة المحنية يرفض أن يشتريها، حتى كادت أن تصير وحيدة في الحقل كله. تألمت الشجرة جدًا بسبب رفض كل التجار أن يقتنوها، فإنه يأتي عيد الميلاد وتتزين كل الأشجار زميلاتها بعد قطعها وبيعها أما هي فتبقي في العيد بلا زينة.

بدأت تتساءل: "ترى هل أخطأت حين انحنيت لأحمي الحمامة وبيضها وفيما بعد صغارها؟"

وكانت الإجابة في داخلها: "الحب الذي قدمته هو الزينة التي تفرح قلب مولود المزود. إنني لن أندم قط على عمل محبة صنعته".

بعد أيام قليلة جاء مؤمن كان قد اشترى بيتًا حديثُا ويريد أن يغرس شجرة في الحديقة الأمامية. مرّ الرجل وزوجته بالحقل فوجدا قد قطع الجزء العلوي من كل أشجار الكريسماس ولم يبق سوى هذه الشجرة المحنية. أُعجبا بها فاشتراها، أُقتلعت الشجرة بجذورها، وغُرست في الحديقة الأمامية للمنزل الجديد.

قبل العيد بيومين قام الرجل بتزيين الشجرة، ففرحت وتهللت. وإذ مرّ العيد جفت كل الأشجار المقطوعة وألقيت كزبالة يريد الكل أن يتخلصوا منها، أما الشجرة المحنية فبدأت جذورها تدب في الأرض الجديدة. كانت الشجرة تنمو علي الدوام، يزينها صاحبها في كل عيد للميلاد وفي كل مناسبة سعيدة.

كانت الشجرة تتغنى كل يوم بتسبحة المحبة التي وردت في رسالة بولس الرسول إلي أهل كورنثوس (إصحاح 13) وتختتمها بالعبارة: "المحبة لا تسقط أبدًا".

انحنت نفسك بالحب نحو كل البشرية يا مخلص العالم.

صرت بلا جمال علي الصليب وأنت مصدر كل جمال.

سرعان ما انعكس بهاء مجدك علي نفوس كثيرة.

وصار صليبك سرّ جمال كثيرين.

لتنحني نفسي بالحب معك.

ولتحمل معك صليبك.

ليحتقر الكل حبي إلي حين.

سيعبر الزمن ويتلألأ كل كياني بالحب،

وأصير شريكًا لك في المجد الأبدي.

0 التعليقات