سؤال: تختلف ترجمات الصلاة الربية. فالبعض يقول "خبزنا كفافنا"، والبعض الآخر يقول "خبزنا الذي للغد"، أو "خبزنا الجوهري". فأيهما أصح؟
الإجابة:
إن الكلمة اليونانية (إيبى أوسيوس) تحتمل أكثر من معنى، وحتى آباء الكنيسة الأول اختلفوا في ترجمتهم لهذه الكلمة...
فالقديس جيروم:
في ترجمته اللاتينية (الفولجاتا Vulgate) يترجمها بالخبز الجوهري، أو بالخبز الذي هو فوق المادة Substantial bread .
ونفس ترجمة جيروم كانت ترجمة العلامة أوريجانوس.
أما القديس أوغسطينوس، والقديس غريغوريوس أسقف نيصص، فإن ترجمتهما هي الخبز اليومي، أو الكفاف Our daily bread وباللاتينية Panem nostrum quotidianum
والقديس يوحنا ذهبي الفم: يستخدم أيضا عبارة الخبز اليومي (الكفاف) وذلك في شرحه لإنجيل متى.
والترجمة القبطية، وهي من أشهر الترجمات، تقول "خبزنا الذي للغد".
والترجمة الإنجليزية Revised Standard Version:
تذكر في النص: الخبز اليومي (الكفاف) Our daily bread وفي الهامش تقول (أو الذي للغد) or our bread for the morrow .
ولست أريد هنا أن أدخل معكم في بحث لغوى...
كما لست أريد أن أورد باقي أقوال الآباء الذين شرحوا الصلاة الربية.. فكل هذا سوف لا يفيدكم..
ولا أود أن يكون وقت الصلاة، وقتًا لصراع الترجمات.
بحيث يرفع أحدهم صوته بالترجمة التي يفضلها، لكي يغطى على أصوات الباقين أثناء الصلاة، أو ليظهر أنه يعرف ما هو أفضل، أو ليعطى تعليمًا وقدوة لكي يتبعه الآخرون.. وإلا تكون الصلاة في ذلك الوقت قد خرجت عن هدفها الروحي، الذي هو الحديث مع الله، إلى هدف علمي جدلي ..! الأمر الذي لا نريده في روحياتنا.
ويكفى هنا أن نفهم حقيقة أساسية تنفعنا وقت الصلاة وهى:
الخبز الذي نطلبه هو الخبز الروحي اللازم لأبديتنا.
نقول هذا ونضع أمامنا النقط الآتية :
1- الصلاة الربية تشمل 7 طلبات: الثلاث طلبات الأولى منها خاصة بالله وهى: ليتقدس اسمك، ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك...
والأربع طلبات الباقية خاصة بنا، وأولها: خبزنا... ومن غير المعقول أن يكون الخبز المادي هو أول طلباتنا، نطلبه قبل مغفرة الخطايا، وقبل طلب النجاة من التجارب والشرير...
2- كما أن هذا يتعارض مع قول الرب: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون.. لا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب.. فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لكن أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره. وهذه كلها تزاد لكم (مت6: 25 ، 31 – 33). "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي" (يو6 : 27).
3- ومع ذلك، إن كان يعوزنا الخبز فلنطلبه...
ولكن نطلب حينئذ الخبز اليومي، ولا نهتم بما للغد...
فهكذا قال القديس غريغوريوس أسقف نيصاص، والقديس يوحنا فم الذهب، ذاكرين أننا هنا نطلب مجرد الخبز، وليس التنعم في الأطعمة.
4- إن قلنا خبزنا الذي للغد، ماذا نقصد حينئذ؟
نقصد الخبز اللازم لأرواحنا الذي لأبديتنا، اللازم للحياة المقبلة، للغد... وهنا نضع في قلوبنا أن نطلب كل غذاء الروح كالصلاة والتأمل، وكمحبة الله والالتصاق بالله، وكالتناول من الأسرار المقدسة. ونلاحظ هنا أن الترجمة القبطية كانت روحية في فهمها للطلبة.
5- وإن قال البعض "اليوم" أو "الكفاف" فماذا يقصدون؟ يقصدون الخبز المادي، إن كان ينقصهم... (وهذه درجة ناقصة). أو الخبز الروحي اللازم لكفافهم: لا ينقص حتى لا يقعوا في الخطية أو الفتور، ولا يزيد عن مستواهم حتى يقعوا في المجد الباطل والغرور...
0 التعليقات